رد شبهة الشاب الأمرد
رد شبهة الشاب الأمرد
مجموع الفتاوى ج3 385
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ:
أَحَادِيثُ رَوَوْهَا فِي الصِّفَاتِ زَائِدَةً عَلَى الْأَحَادِيثِ الَّتِي فِي دَوَاوِينِ الْإِسْلَامِ مِمَّا نَعْلَمُ بِالْيَقِينِ الْقَاطِعِ أَنَّهَا كَذِبٌ وَبُهْتَانٌ بَلْ كُفْرٌ شَنِيعٌ. وَقَدْ يَقُولُونَ مِنْ أَنْوَاعِ الْكُفْرِ مَا لَا يَرْوُونَ فِيهِ حَدِيثًا؛ مِثْلَ حَدِيثٍ يَرْوُونَهُ: {إنَّ اللَّهَ يَنْزِلُ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ عَلَى جَمَلٍ أَوْرَقَ يُصَافِحُ الرُّكْبَانَ وَيُعَانِقُ الْمُشَاةَ} .
وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْكَذِبِ عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَائِلُهُ مِنْ أَعْظَمِ الْقَائِلِينَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ أَحَدٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَصْلًا بَلْ أَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ عَلَى أَنَّهُ مَكْذُوبٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ - كَابْنِ قُتَيْبَةَ وَغَيْرِهِ - هَذَا وَأَمْثَالُهُ إنَّمَا وَضَعَهُ الزَّنَادِقَةُ الْكُفَّارُ لِيَشِينُوا بِهِ عَلَى أَهْلِ الْحَدِيثِ وَيَقُولُونَ: إنَّهُمْ يَرْوُونَ مِثْلَ هَذَا. وَكَذَلِكَ حَدِيثٌ آخَرُ: فِيهِ {أَنَّهُ رَأَى رَبَّهُ حِينَ أَفَاضَ مِنْ مُزْدَلِفَةَ يَمْشِي أَمَامَ الْحَجِيجِ وَعَلَيْهِ جُبَّةُ صُوفٍ} أَوْ مَا يُشْبِهُ هَذَا الْبُهْتَانَ وَالِافْتِرَاءَ عَلَى اللَّهِ الَّذِي لَا يَقُولُهُ مَنْ عَرَفَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ص 385
وَهَكَذَا حَدِيثٌ فِيهِ {أَنَّ اللَّهَ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ فَإِذَا كَانَ مَوْضِعُ خُضْرَةٍ قَالُوا: هَذَا مَوْضِعُ قَدَمَيْهِ} وَيَقْرَءُونَ قَوْله تَعَالَى {فَانْظُرْ إلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} هَذَا أَيْضًا كَذِبٌ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ. وَلَمْ يَقُلْ اللَّهُ فَانْظُرْ إلَى آثَارِ خُطَى اللَّهِ وَإِنَّمَا قَالَ: آثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ وَرَحْمَتُهُ هُنَا النَّبَاتُ. وَهَكَذَا أَحَادِيثُ فِي بَعْضِهَا {أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَبَّهُ فِي الطَّوَافِ} وَفِي بَعْضِهَا {أَنَّهُ رَآهُ وَهُوَ خَارِجٌ مِنْ مَكَّةَ} وَفِي بَعْضِهَا {أَنَّهُ رَآهُ فِي بَعْضِ سِكَكِ الْمَدِينَةِ} إلَى أَنْوَاعٍ أُخَرَ. وَكُلُّ حَدِيثٍ فِيهِ {أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَبَّهُ بِعَيْنِهِ فِي الْأَرْضِ} فَهُوَ كَذِبٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ وَعُلَمَائِهِمْ هَذَا شَيْءٌ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا رَوَاهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ.
جـ3 ص 386مجموع الفتاوى
وَإِنَّمَا كَانَ النِّزَاعُ بَيْنَ الصَّحَابَةِ فِي أَنَّ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم هَلْ رَأَى رَبَّهُ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ؟ فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما وَأَكْثَرُ عُلَمَاءِ السُّنَّةِ يَقُولُونَ: إنَّ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم رَأَى رَبَّهُ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ وَكَانَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها وَطَائِفَةٌ مَعَهَا تُنْكِرُ ذَلِكَ وَلَمْ تَرْوِ عَائِشَةُ رضي الله عنها فِي ذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا وَلَا سَأَلَتْهُ عَنْ ذَلِكَ. وَلَا نُقِلَ فِي ذَلِكَ عَنْ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه كَمَا يَرْوُونَهُ نَاسٌ مِنْ الْجُهَّالِ: {أَنَّ أَبَاهَا سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: نَعَمْ. وَقَالَ لِعَائِشَةَ: لَا} فَهَذَا الْحَدِيثُ كَذِبٌ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ. وَلِهَذَا ذَكَرَ الْقَاضِي " أَبُو يَعْلَى " وَغَيْرُهُ: أَنَّهُ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ الْإِمَامِ
«مجموع الفتاوى» (3/ 387):
«أَحْمَدَ رحمه الله هَلْ يُقَالُ: إنَّ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم رَأَى رَبَّهُ بِعَيْنَيْ رَأْسِهِ؟ أَوْ يُقَالُ بِعَيْنِ قَلْبِهِ. أَوْ يُقَالُ: رَآهُ وَلَا يُقَالُ بِعَيْنَيْ رَأْسِهِ وَلَا بِعَيْنِ قَلْبِهِ؟ عَلَى ثَلَاثِ رِوَايَاتٍ. وَكَذَلِكَ الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّهُ قَالَ: {رَأَيْت رَبِّي فِي صُورَةِ كَذَا وَكَذَا} يُرْوَى مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمِنْ طَرِيقِ أُمِّ الطُّفَيْلِ وَغَيْرِهِمَا وَفِيهِ {أَنَّهُ وَضَعَ يَدَهُ بَيْنَ كَتِفَيَّ حَتَّى وَجَدْت بَرْدَ أَنَامِلِهِ عَلَى صَدْرِي} هَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يَكُنْ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ، فَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ كَانَ بِالْمَدِينَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ: {أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَامَ عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ ثُمَّ خَرَجَ إلَيْهِمْ وَقَالَ: رَأَيْت كَذَا وَكَذَا} وَهُوَ فِي رِوَايَةِ مَنْ لَمْ يُصَلِّ خَلْفَهُ إلَّا بِالْمَدِينَةِ كَأُمِّ الطُّفَيْلِ وَغَيْرِهَا، وَالْمِعْرَاجُ إنَّمَا كَانَ مِنْ مَكَّةَ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَبِنَصِّ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} فَعُلِمَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ كَانَ رُؤْيَا مَنَامٍ بِالْمَدِينَةِ كَمَا جَاءَ مُفَسَّرًا فِي كَثِيرٍ مِنْ طُرُقِهِ {إنَّهُ كَانَ رُؤْيَا مَنَامٍ} مَعَ أَنَّ رُؤْيَا الْأَنْبِيَاءِ وَحْيٌ لَمْ يَكُنْ رُؤْيَا يَقَظَةٍ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ. وَقَدْ اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا يَرَ رَبَّهُ بِعَيْنَيْهِ فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ لَمَّا يَنْزِلْ لَهُ إلَى الْأَرْضِ وَلَيْسَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَطُّ حَدِيثٌ فِيهِ {أَنَّ اللَّهَ نَزَلَ لَهُ إلَى الْأَرْضِ} بَلْ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ: {أَنَّ اللَّهَ يَدْنُو عَشِيَّةَ عَرَفَةَ} وَفِي رِوَايَةٍ {إلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا كُلَّ لَيْلَةٍ حِينَ يَبْقَى»
«مجموع الفتاوى» (3/ 388):
«ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟} .
وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ: {أَنَّ اللَّهَ يَدْنُو عَشِيَّةَ عَرَفَةَ} وَفِي رِوَايَةٍ {إلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَيُبَاهِي الْمَلَائِكَةَ بِأَهْلِ عَرَفَةَ فَيَقُولُ: اُنْظُرُوا إلَى عِبَادِي أَتَوْنِي شُعْثًا غُبْرًا مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ} ؟ وَقَدْ رُوِيَ {أَنَّ اللَّهَ يَنْزِلُ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ} إنْ صَحَّ الْحَدِيثُ فَإِنَّ هَذَا مِمَّا تَكَلَّمَ فِيهِ أَهْلُ الْعِلْمِ. وَكَذَلِكَ مَا رَوَى بَعْضُهُمْ: {أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا نَزَلَ مِنْ حِرَاءَ تَبَدَّى لَهُ رَبُّهُ عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} غَلَطٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ، بَلْ الَّذِي فِي الصِّحَاحِ: {أَنَّ الَّذِي تَبَدَّى لَهُ الْمَلَكُ الَّذِي جَاءَهُ بِحِرَاءِ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ وَقَالَ لَهُ: اقْرَأْ فَقُلْت: لَسْت بِقَارِئِ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدُ؛ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: اقْرَأْ فَقُلْت: لَسْت بِقَارِئِ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدُ؛ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ} {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ} {الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ} {عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} } فَهَذَا أَوَّلُ مَا نَزَلَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. ثُمَّ جَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُحَدِّثُ عَنْ فَتْرَةِ الْوَحْيِ. قَالَ: {فبينا أَنَا أَمْشِي إذْ سَمِعْت صَوْتًا؛ فَرَفَعْت رَأْسِي فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءِ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} رَوَاهُ جَابِرٌ رضي الله عنه فِي الصَّحِيحَيْنِ. فَأَخْبَرَ أَنَّ الْمَلَكَ الَّذِي جَاءَهُ بِحِرَاءِ رَآهُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَذَكَرَ أَنَّهُ رُعِبَ»
«مجموع الفتاوى» (3/ 389):
«مِنْهُ فَوَقَعَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ الْمَلَكُ فَظَنَّ الْقَارِئُ أَنَّهُ الْمَلِكُ وَأَنَّهُ اللَّهُ وَهَذَا غَلَطٌ وَبَاطِلٌ. وَبِالْجُمْلَةِ أَنَّ كُلَّ حَدِيثٍ فِيهِ {أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَبَّهُ بِعَيْنَيْهِ فِي الْأَرْضِ} وَفِيهِ {أَنَّهُ نَزَلَ لَهُ إلَى الْأَرْضِ} وَفِيهِ {أَنَّ رِيَاضَ الْجَنَّةِ مِنْ خُطُوَاتِ الْحَقِّ} وَفِيهِ {أَنَّهُ وَطِئَ عَلَى صَخْرَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ} كُلُّ هَذَا كَذِبٌ بَاطِلٌ بِاتِّفَاقِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِمْ. وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ ادَّعَى أَنَّهُ رَأَى رَبَّهُ بِعَيْنَيْهِ قَبْلَ الْمَوْتِ فَدَعْوَاهُ بَاطِلٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ؛ لِأَنَّهُمْ اتَّفَقُوا جَمِيعُهُمْ عَلَى أَنَّ أَحَدًا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ لَا يَرَى رَبَّهُ بِعَيْنَيْ رَأْسِهِ حَتَّى يَمُوتَ. وَثَبَتَ ذَلِكَ فِي صَحِيحٍ مُسْلِمٍ عَنْ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم {أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ الدَّجَّالَ قَالَ: وَاعْلَمُوا أَنَّ أَحَدًا مِنْكُمْ لَنْ يَرَى رَبَّهُ حَتَّى يَمُوتَ} . وَكَذَلِكَ رُوِيَ هَذَا عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ وُجُوهٍ أُخَرَ: يُحَذِّرُ أُمَّتَهُ فِتْنَةَ الدَّجَّالِ وَبَيَّنَ لَهُمْ " أَنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ لَنْ يَرَى رَبَّهُ حَتَّى يَمُوتَ " فَلَا يَظُنَّن أَحَدٌ أَنَّ هَذَا الدَّجَّالَ الَّذِي رَآهُ هُوَ رَبُّهُ. وَلَكِنَّ الَّذِي يَقَعُ لِأَهْلِ حَقَائِقِ الْإِيمَانِ مِنْ الْمَعْرِفَةِ بِاَللَّهِ وَيَقِينِ الْقُلُوبِ وَمُشَاهَدَتِهَا وَتَجَلِّيَاتِهَا هُوَ عَلَى مَرَاتِبَ كَثِيرَةٍ؛ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم {لَمَّا سَأَلَهُ جِبْرِيلُ عليه السلام عَنْ الْإِحْسَانِ قَالَ: الْإِحْسَانُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّك تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاك}»
«مجموع الفتاوى» (3/ 390):
«وَقَدْ يَرَى الْمُؤْمِنُ رَبَّهُ فِي الْمَنَامِ فِي صُوَرٍ مُتَنَوِّعَةٍ عَلَى قَدْرِ إيمَانِهِ وَيَقِينِهِ؛ فَإِذَا كَانَ إيمَانُهُ صَحِيحًا لَمْ يَرَهُ إلَّا فِي صُورَةٍ حَسَنَةٍ وَإِذَا كَانَ فِي إيمَانِهِ نَقْصٌ رَأَى مَا يُشْبِهُ إيمَانَهُ وَرُؤْيَا الْمَنَامِ لَهَا حُكْمٌ غَيْرُ رُؤْيَا الْحَقِيقَةِ فِي الْيَقَظَةِ وَلَهَا " تَعْبِيرٌ وَتَأْوِيلٌ " لِمَا فِيهَا مِنْ الْأَمْثَالِ الْمَضْرُوبَةِ لِلْحَقَائِقِ. وَقَدْ يَحْصُلُ لِبَعْضِ النَّاسِ فِي الْيَقَظَةِ أَيْضًا مِنْ الرُّؤْيَا نَظِيرُ مَا يَحْصُلُ لِلنَّائِمِ فِي الْمَنَامِ: فَيَرَى بِقَلْبِهِ مِثْلَ مَا يَرَى النَّائِمُ. وَقَدْ يَتَجَلَّى لَهُ مِنْ الْحَقَائِقِ مَا يَشْهَدُهُ بِقَلْبِهِ فَهَذَا كُلُّهُ يَقَعُ فِي الدُّنْيَا. وَرُبَّمَا غَلَبَ أَحَدُهُمْ مَا يَشْهَدُهُ قَلْبُهُ وَتَجْمَعُهُ حَوَاسُّهُ فَيَظُنُّ أَنَّهُ رَأَى ذَلِكَ بِعَيْنَيْ رَأْسِهِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ فَيَعْلَمَ أَنَّهُ مَنَامٌ وَرُبَّمَا عَلِمَ فِي الْمَنَامِ أَنَّهُ مَنَامٌ. فَهَكَذَا مِنْ الْعِبَادِ مَنْ يَحْصُلُ لَهُ مُشَاهَدَةٌ قَلْبِيَّةٌ تَغْلِبُ عَلَيْهِ حَتَّى تُفْنِيَهُ عَنْ الشُّعُورِ بِحَوَاسِّهِ فَيَظُنَّهَا رُؤْيَةً بِعَيْنِهِ وَهُوَ غالط فِي ذَلِكَ وَكُلُّ مَنْ قَالَ مِنْ الْعِبَادِ الْمُتَقَدِّمِينَ أَوْ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ رَأَى رَبَّهُ بِعَيْنَيْ رَأْسِهِ فَهُوَ غالط فِي ذَلِكَ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ. نَعَمْ رُؤْيَةُ اللَّهِ بِالْأَبْصَارِ هِيَ لِلْمُؤْمِنِينَ فِي الْجَنَّةِ وَهِيَ أَيْضًا لِلنَّاسِ فِي عَرَصَاتِ الْقِيَامَةِ؛ كَمَا تَوَاتَرَتْ الْأَحَادِيثُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَيْثُ قَالَ: {إنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ الشَّمْسَ فِي الظَّهِيرَةِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ وَكَمَا تَرَوْنَ الْقَمَرَ لَيْلَةَ الْبَدْرِ صَحْوًا لَيْسَ دُونَهُ سَحَابٌ}»
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ
أَرْبَعٌ: جَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبٍ آنِيَتُهُمَا وَحِلْيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا،
وَجَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ آنِيَتُهُمَا وَحِلْيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا. وَمَا
بَيْنَ الْقَوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إلَى رَبِّهِمْ إلَّا رِدَاءُ
الْكِبْرِيَاءِ عَلَى وَجْهِهِ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ} وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ نَادَى مُنَادٍ:
يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ إنَّ لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ مَوْعِدًا يُرِيدُ أَنْ
ينجزكموه فَيَقُولُونَ: مَا هُوَ؟ أَلَمْ يُبَيِّضْ وُجُوهَنَا وَيُثَقِّلْ
مَوَازِينَنَا وَيُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ وَيُجِرْنَا مِنْ النَّارِ؛ فَيَكْشِفُ
الْحِجَابَ فَيَنْظُرُونَ إلَيْهِ فَمَا أَعْطَاهُمْ شَيْئًا أَحَبَّ إلَيْهِمْ
مِنْ النَّظَرِ إلَيْهِ وَهِيَ الزِّيَادَةُ} . وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ
وَغَيْرُهَا فِي الصِّحَاحِ؛ وَقَدْ تَلَقَّاهَا السَّلَفُ وَالْأَئِمَّةُ
بِالْقَبُولِ؛ وَاتَّفَقَ عَلَيْهَا أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ؛ وَإِنَّمَا
يُكَذِّبُ بِهَا أَوْ يُحَرِّفُهَا " الْجَهْمِيَّة " وَمَنْ تَبِعَهُمْ
مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَالرَّافِضَةِ وَنَحْوِهِمْ: الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ
بِصِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَبِرُؤْيَتِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَهُمْ الْمُعَطِّلَةُ
شِرَارُ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ. وَدِينُ اللَّهِ وَسَطٌ بَيْنَ تَكْذِيبِ
هَؤُلَاءِ بِمَا أَخْبَرَ بِهِ رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي
الْآخِرَةِ؛ وَبَيْنَ تَصْدِيقِ الْغَالِيَةِ؛ بِأَنَّهُ يُرَى بِالْعُيُونِ فِي
الدُّنْيَا وَكِلَاهُمَا بَاطِلٌ. وَهَؤُلَاءِ
الَّذِينَ يَزْعُمُ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَرَاهُ بِعَيْنَيْ رَأْسِهِ فِي
الدُّنْيَا هُمْ ضُلَّالٌ كَمَا تَقَدَّمَ فَإِنْ ضَمُّوا إلَى ذَلِكَ أَنَّهُمْ
يَرَوْنَهُ فِي بَعْضِ الْأَشْخَاصِ: إمَّا بَعْضُ الصَّالِحِينَ أَوْ بَعْضُ
المردان أَوْ بَعْضُ الْمُلُوكِ أَوْ غَيْرِهِمْ عَظُمَ ضَلَالُهُمْ
ص 391
وَكُفْرُهُمْ وَكَانُوا حِينَئِذٍ أَضَلَّ مِنْ النَّصَارَى
الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ رَأَوْهُ فِي صُورَةِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ.
بَلْ هُمْ أَضَلُّ مِنْ أَتْبَاعِ الدَّجَّالِ الَّذِي يَكُونُ فِي آخِرِ
الزَّمَانِ وَيَقُولُ لِلنَّاسِ أَنَا رَبُّكُمْ وَيَأْمُرُ السَّمَاءَ فَتُمْطِرُ
وَالْأَرْضَ فَتُنْبِتُ وَيَقُولُ لِلْخَرِبَةِ: أَخْرِجِي كُنُوزَك فَتَتْبَعُهُ
كُنُوزُهَا وَهَذَا هُوَ الَّذِي حَذَّرَ مِنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ. وَقَالَ: {مَا مِنْ خَلْقِ آدَمَ إلَى قِيَامِ السَّاعَةِ
فِتْنَةٌ أَعْظَمَ مِنْ الدَّجَّالِ} وَقَالَ: {إذَا جَلَسَ أَحَدُكُمْ فِي
الصَّلَاةِ فَلْيَسْتَعِذْ بِاَللَّهِ مِنْ أَرْبَعٍ لِيَقُلْ: اللَّهُمَّ إنِّي
أَعُوذُ بِك مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ وَأَعُوذُ بِك مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ،
وَأَعُوذُ بِك مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ وَأَعُوذُ بِك مِنْ فِتْنَةِ
الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ} . فَهَذَا ادَّعَى الرُّبُوبِيَّةَ وَأَتَى بِشُبُهَاتِ
فَتَنَ بِهَا الْخَلْقَ حَتَّى قَالَ فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ {إنَّهُ أَعْوَرُ وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ وَاعْلَمُوا
أَنَّ أَحَدًا مِنْكُمْ لَنْ يَرَى رَبَّهُ حَتَّى يَمُوتَ} فَذَكَرَ لَهُمْ
عَلَامَتَيْنِ ظَاهِرَتَيْنِ يَعْرِفُهُمَا جَمِيعُ النَّاسِ؛ لِعِلْمِهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَضِلُّ فَيُجَوِّزُ أَنْ
يَرَى رَبَّهُ فِي الدُّنْيَا فِي صُورَةِ الْبَشَرِ كَهَؤُلَاءِ الضُّلَّالِ
الَّذِينَ يَعْتَقِدُونَ ذَلِكَ وَهَؤُلَاءِ قَدْ يُسَمَّوْنَ "
الْحُلُولِيَّةَ " وَ " الِاتِّحَادِيَّةَ ". وَهُمْ صِنْفَانِ: -
" قَوْمٌ " يَخُصُّونَهُ بِالْحُلُولِ أَوْ الِاتِّحَادِ فِي بَعْضِ
الْأَشْيَاءِ. كَمَا يَقُولُهُ النَّصَارَى
ص 392
فِي الْمَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَالْغَالِيَةُ فِي عَلِيٍّ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَنَحْوِهِ؛ وَقَوْمٌ فِي أَنْوَاعٍ مِنْ الْمَشَايِخِ
وَقَوْمٌ فِي بَعْضِ الْمُلُوكِ وَقَوْمٌ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ الْجَمِيلَةِ؛ إلَى
غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَقْوَالِ الَّتِي هِيَ شَرٌّ مِنْ مَقَالَةِ النَّصَارَى.
وَ " صِنْفٌ " يَعُمُّونَ فَيَقُولُونَ بِحُلُولِهِ أَوْ اتِّحَادِهِ
فِي جَمِيعِ الْمَوْجُودَاتِ - حَتَّى الْكِلَابِ وَالْخَنَازِيرِ وَالنَّجَاسَاتِ
وَغَيْرِهَا - كَمَا يَقُولُ ذَلِكَ قَوْمٌ مِنْ الْجَهْمِيَّة وَمَنْ تَبِعَهُمْ
مِنْ الِاتِّحَادِيَّةِ: كَأَصْحَابِ ابْنِ عَرَبِيٍّ وَابْنِ سَبْعِينَ وَابْنِ
الْفَارِضِ وَالتِّلْمِسَانِيّ والبلياني وَغَيْرِهِمْ ". وَمَذْهَبُ جَمِيعِ
الْمُرْسَلِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَأَهْلِ الْكُتُبِ أَنَّ
اللَّهَ سُبْحَانَهُ خَالِقُ الْعَالَمِينَ وَرَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ
وَمَا بَيْنَهُمَا؛ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ وَالْخَلْقُ جَمِيعُهُمْ
عِبَادُهُ وَهُمْ فُقَرَاءُ إلَيْهِ. وَهُوَ سُبْحَانَهُ فَوْقَ سَمَوَاتِهِ عَلَى
عَرْشِهِ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ؛ وَمَعَ هَذَا فَهُوَ مَعَهُمْ أَيْنَمَا كَانُوا؛
كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا
يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ
وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا
تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} . فَهَؤُلَاءِ " الضُّلَّالُ الْكُفَّارُ "
الَّذِينَ يَزْعُمُ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَرَى رَبَّهُ بِعَيْنَيْهِ وَرُبَّمَا
زَعَمَ أَنَّهُ جَالَسَهُ وَحَادَثَهُ أَوْ ضَاجَعَهُ وَرُبَّمَا يُعَيِّنُ
أَحَدُهُمْ آدَمِيًّا إمَّا شَخْصًا؛
ص 393
أَوْ صَبِيًّا؛ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ؛ وَيَزْعُمُ أَنَّهُ
كَلَّمَهُمْ يُسْتَتَابُونَ. فَإِنْ تَابُوا وَإِلَّا ضُرِبَتْ أَعْنَاقُهُمْ
وَكَانُوا كُفَّارًا؛ إذْ هُمْ أَكْفَرُ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى {الَّذِينَ قَالُوا إنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ}
فَإِنَّ الْمَسِيحَ رَسُولٌ كَرِيمٌ وَجِيهٌ عِنْدَ اللَّهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنْ الْمُقَرَّبِينَ فَإِذَا كَانَ الَّذِينَ قَالُوا: إنَّهُ هُوَ اللَّهُ وَإِنَّهُ اتَّحَدَ بِهِ أَوْ حَلَّ فِيهِ قَدْ كَفَّرَهُمْ وَعَظُمَ كُفْرُهُمْ؛ بَلْ الَّذِينَ قَالُوا إنَّهُ اتَّخَذَ وَلَدًا حَتَّى قَالَ: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا} {لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إدًّا} {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا} {أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا} {وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا} {إنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا}
فَكَيْفَ بِمَنْ يَزْعُمُ فِي شَخْصٍ مِنْ الْأَشْخَاصِ أَنَّهُ هُوَ؟ هَذَا أَكْفَرُ مِنْ الْغَالِيَةِ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَوْ غَيْرَهُ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ هُوَ اللَّهُ، وَهَؤُلَاءِ هُمْ " الزَّنَادِقَةُ " الَّذِينَ حَرَّقَهُمْ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِالنَّارِ وَأَمَرَ بِأَخَادِيدَ خُدَّتْ لَهُمْ عِنْدَ بَابِ كِنْدَةَ وَقَذَفَهُمْ فِيهَا بَعْدَ أَنْ أَجَّلَهُمْ ثَلَاثًا لِيَتُوبُوا فَلَمَّا لَمْ يَتُوبُوا أَحْرَقَهُمْ بِالنَّارِ وَاتَّفَقَتْ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - عَلَى قَتْلِهِمْ لَكِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - كَانَ مَذْهَبُهُ أَنْ يُقَتَّلُوا بِالسَّيْفِ بِلَا تَحْرِيقٍ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَقِصَّتُهُمْ مَعْرُوفَةٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ.
فَإِنَّ الْمَسِيحَ رَسُولٌ كَرِيمٌ وَجِيهٌ عِنْدَ اللَّهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنْ الْمُقَرَّبِينَ فَإِذَا كَانَ الَّذِينَ قَالُوا: إنَّهُ هُوَ اللَّهُ وَإِنَّهُ اتَّحَدَ بِهِ أَوْ حَلَّ فِيهِ قَدْ كَفَّرَهُمْ وَعَظُمَ كُفْرُهُمْ؛ بَلْ الَّذِينَ قَالُوا إنَّهُ اتَّخَذَ وَلَدًا حَتَّى قَالَ: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا} {لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إدًّا} {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا} {أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا} {وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا} {إنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا}
فَكَيْفَ بِمَنْ يَزْعُمُ فِي شَخْصٍ مِنْ الْأَشْخَاصِ أَنَّهُ هُوَ؟ هَذَا أَكْفَرُ مِنْ الْغَالِيَةِ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَوْ غَيْرَهُ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ هُوَ اللَّهُ، وَهَؤُلَاءِ هُمْ " الزَّنَادِقَةُ " الَّذِينَ حَرَّقَهُمْ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِالنَّارِ وَأَمَرَ بِأَخَادِيدَ خُدَّتْ لَهُمْ عِنْدَ بَابِ كِنْدَةَ وَقَذَفَهُمْ فِيهَا بَعْدَ أَنْ أَجَّلَهُمْ ثَلَاثًا لِيَتُوبُوا فَلَمَّا لَمْ يَتُوبُوا أَحْرَقَهُمْ بِالنَّارِ وَاتَّفَقَتْ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - عَلَى قَتْلِهِمْ لَكِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - كَانَ مَذْهَبُهُ أَنْ يُقَتَّلُوا بِالسَّيْفِ بِلَا تَحْرِيقٍ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَقِصَّتُهُمْ مَعْرُوفَةٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ.
ص394
كتاب العقيدة الواسطية
- بَلْ يُؤْمِنُونَ
بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى: {لَيْسَ
كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ
السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11]
ص 59
[صفة السمع وصفة البصر] :
29- وَقَوْلُهُ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ
وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11] .
ص63
166- وَمَا ذُكِرَ فِي
الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، مِنْ قُرْبِهِ وَمَعِيَّتِه، لَا يُنَافِي مَا نَذْكُرُ
مِنْ عُلُوِّهِ وَفَوْقِيَّتِهِ؛ فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ
فِي جَمِيعِ نُعُوتِهِ، وَهُوَ عَلِيٌّ فِي دُنُوِّهِ، قَرِيبٌ فِي عُلُوِّهِ.
* * * *
ص85
كتاب بيان تلبيس الجهمية
ج7
أن حديث أم الطفيل نص في أن الصورة كانت للمرئي حيث قال سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يذكر أنه رأى ربه في صورة شاب موفر رجلاه في خضر عليه
نعلان من ذهب على وجهه فراش من ذهب السادس أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل
رأيت ربي في أحسن صورة وسكت بل لم يقل ذلك إلاَّ موصولاً بما يبين صفة الرؤية كما
تقدمت ألفاظ الحديث بذلك فهذا الذي ذكره المؤسس ومن نقل كتبه كابن فورك مـ ـمن
جعله حديثًا مفردًا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال رأيت ربي في أحسن
ص 365
صورة ثم يتأولون ذلك أمر لا أصل له أما قول الرازي إن كان عائدًا إلى
المرئي ففيه وجوه الأول أن يكون رأى ربه في المنام في صورة مخصوصة وذلك جائز لأن
الرؤيا من تصرفات الخيال فلا ينفك ذلك عن صورة متخيلة فيقال له قد بينا أن ألفاظ الحديث صريحة في أن هذه الرؤية كانت في
المنام فيكون هذا الوجه هو المقطوع به وما سواه باطل ولكن لا يكون ذلك من باب التأويل
بل الحديث على ظاهره فيكون ظاهر أنه رآه في المنام
وهذا حق لا يحتاج إلى تأويل وهذا مقصودنا فإنهم يدعون احتياج هذه الأحاديث إلى
تأويل يخالف ظاهرها لأن ظاهرها عندهم ضلال وكفر وهو غالطون تارة فيما يدعون أنه
ظاهرها وليس كذلك كما يدعون أن ظاهر هذا الحديث أنه رآه في اليقظة كذلك دعواهم أن
ظاهرها الذي هو ظاهرها الحق يحتاج إلى تأويل وهذا الذي أثبته الرازي من جواز رؤية
الله في المنام
ص 366
اعتراف_مركز_الابحاث_التابع_للسيستاني_ان_ابن_تيمية_يقول_برؤية_منا
التجسيم عند الشيعة
عن الباقر"ع " قال : قال رسول الله ( ص ) المتحابون في
الله يوم القيامة على ارض زبرجدة خضراء في ظل عرشه عن يمينه وكلتا يديه يمين
وجوههم اشد بياضا من الثلج واضوء من الشمس الطالعة يغبطهم بمنزلتهم كل ملك مقرب
ونبي مرسل ، يقول الناس :من هؤلاء ؟ فيقال : هؤلاء المتحابون في الله .
الكافي : 2/126/7، المحاسن: 1/412/941 كلاهما عن أبي الجارود، مشكاة
الأنوار: 121 وفيهما «أشدّ بياضاً من الثلج وأضوأ.. .»، بحارالأنوار: 7/195/64 و ج
69 / 243 / 18 و ج 74/398/34.
بحار الأنوار الجزء 107 ص 31
تعليقات
إرسال تعليق